rahmouni rachid caricaturiste tunisia

rahmouni rachid caricaturiste tunisia

Article sans titre

رشيد الرّحموني: الكاريكاتور فنّ واقعيّ، ساخر، ناقد أو لا يكون. 


رشيد الرّحموني: الكاريكاتور فنّ واقعيّ، ساخر، ناقد أو لا يكون...
حاوره: أنور الجمعاوي.
ينتظم هذه الأيّام بقاعة الڤرماسي للفنون التشكيليّة بشارع شارل ديغول بتونس العاصمة معرض لأعمال الفنّان الكاريكاتوري رشيد الرّحموني، وهو خطّاط وتشكيليّ تونسيّ، متعدّد المواهب عصاميّ التكوين، قدّم للجمهور حوالي ثلاثة وتسعين رسما كاريكاتوريّا خلال هذا المعرض تعلّق معظمها بوصف الواقع المعيش للتونسيّ خصوصا، والعربيّ عموما قبل عصر الثورة وبعده.
فمن الرّسوم ما كان تصويرا ساخرا لزمن الديكتاتوريّة، ومنها ما هو نقل تسجيليّ لمعاناة النّاس ومطالبهم الاجتماعيّة والسياسيّة وإخبار بطموحاتهم وأحلامهم، ومنها ما هو نقد لتراوح مصير الثورة بين جيوب الردّة وأصحاب المصالح، ومنها أيضا ما هو كشف لأسباب الفساد ونقد لسياسة الإقصاء وتعديد لمظاهر تهميش المبدعين في زمن كان فيه المثّقف مخيّرا بين سيف المعزّ وذهبه.
وقد كان لنا هذا الحوار مع السيّد رشيد الرّحموني:
- كيف كانت بداية السيّد رشيد الرحموني مع فنّ الكاريكاتور؟
- كانت بدايتي مع هذا الفنّ إثر مشاركة في جريدة "البطل" في عدد تضمّن مساهمات القرّاء، فقد قدّمت رسما كاريكاتوريّا ساخرا، نال إعجاب القرّاء وأسرة تحرير الجريدة، فتمّ انتدابي للعمل بنفس الصّحيفة، وانتقلت إثر ذلك للعمل مع مؤسّسات صحفيّة مختلفة داخل تونس وخارجها.
- لقد غلب على رسوم الكاريكاتور المعروضة المراوحة بين السخرية والواقعيّة فهل يعني ذلك اختياركم الواقعيّة نهجا في العمل الفنّي؟
- الحقيقة أنّي اخترت نهج الواقعيّة في رسم الكاريكاتور لأنّي فرد ينتمي إلى هذا المجتمع ويعيش همومه وأحلامه صباح مساء، وأراني مثقّفا عضويّا بامتياز، يهجس بمعاناة النّاس وينقل مشاغلهم عبر الصّورة لأنّها تجسيد للواقع المعيش، وإخبار صادق بتجربة الذات والآخر في مواجهة دولة القمع داخل السّياق التونسي خصوصا، والعربي عموما. وفي نظري أنّ الكاريكاتور الناجح واقعي أو لا يكون، فمطلب السخرية لا يعني التهريج والتنكيت بل يعني اعتماد لغة الإشارة الذكيّة فيكون الفنّ مدعاة للدّعابة وفرصة للتّفكير ونافذة لنقد الواقع والتأسيس لغد أفضل في نفس الوقت.
- كيف ترى مشهد فنّ الكاريكاتور في تونس قبل الثورة وبعدها؟
- لا أنكر أنّ فنّ الكاريكاتور قد ظلّ موجودا في المشهد الإعلامي التونسي على مدى عقود من الزمن حتّى في زمن الديكتاتوريّة، لكنّ الثابت في رأيي أنّ نموذج الكاريكاتور السّائد فترة القمع كان أقرب إلى فنّ الإضحاك منه إلى ممارسة النّقد وفضح الواقع المتردّي، فقد كانت هناك خطوط حمراء، من تجاوزها كان مصيره غياهب السجن.
وقد عانيت شخصيّا من الإقصاء والتهميش نتيجة أعمالي الجريئة ومحاولتي الخروج عن نسق المهادنة والابتذال، ورغبتي في تجلية حقيقة الواقع المزري لعامّة النّاس، وهو ما لم يرُق للكثيرين من أتباع النّظام البائد، وقد ساومني العديد من رؤساء التحرير في تونس على عملي الإبداعي، وطلبوا منّي أن أرسم في الرّياضة لا غير وإلاّ أجد نفسي خارج أسرة الصّحيفة، وقد أعلمني كثير منهم أنّهم عانوا من ضغوطات تُفْرض عليهم، ومن رقابة تتابعهم لذلك حاولوا تقييد ريشتي حتّى ولو تعلّق الأمر برسوم موضوعها الرّياضة أو الحياة الفنّية... وبذلك فقد كان الوضع قبل الثورة متمثّلا في أن تعطي رسّاما ريشة وقرطاسا وتطلب منه أن يرسم تحت تهديد السّلاح أو الجلاّد.
أمّا بعد الثورة، فقد انطلقت ريشتي مبدعة، حرّة في سماء الكاريكاتور بلا قيد وبلا رقيب فعاد إليّ اعتباري، ووجدت نفسي مواطنا يشعر بالكرامة ويمارس حرّيته المسؤولة، فتفتّقت موهبتي من جديد بفضل ثورة أحرار تونس وشبابها، فنزلت إلى شارع الحبيب بورقيبة يوم 15 جانفي أحمل رسومي السّاخرة بيد وريشتي باليد الأخرى، وقد سعدت أيّما سعادة بإقبال النّاس وإعجابهم برسوم تسخر من الرّئيس المخلوع ومن الجلاّد وتنتصر لكلّ المظلومين والمعدمين وكانت تلك الرّسوم فيما مضى مندرجة في حيّز الممنوع.
- أرى في رسومك بصمات الرسّام الكاريكاتوري الفلسطيني ناجي العلي، فهل أنت من المتأثّرين به؟
- رغم أنّي عصامي التكوين، فإنّي قد استلهمت تجربتي من عدد من روّاد الرّسم الكاريكاتوري في تونس والعالم العربي، فأنا أرى في الأستاذ علي عبيد أبي الروحي داخل تونس، وأرى في الشّهيد ناجي العلي قدوتي المثلى في عالم الرّسم الساخر الناقد، المعبّر، كما لا أنسى الرّسام اللّيبي محمّد الزواري، فهؤلاء من أبرز الرسّامين في العالم العربي لذلك تأثّرت لهم وسرت على دربهم، لكنّي انطبعت دوما بأسئلة اللّحظة التي أعيش فيها والبلد الذي أنتمي إليه، فأنا صوت أبناء الخضراء وصوت كلّ حرّ في الوطن العربي وكلّ العالم، فرسومي تعبير عن مأساة هؤلاء وأحلامهم وشوقهم إلى الحرّية والكرامة والعدالة والمساواة.
- هل هناك مؤسّسات في تونس تُعنى بتكوين مختصّين أو حرفيّين في مجال فنّ الكاريكاتور؟
- الملاحظ في تونس أنّ رسّام الكاريكاتور يظهر فجأة، كما يظهر الشاعر في الاجتماع العربي القديم، فنحن إلى حدّ هذا اليوم لا نجد مؤسّسات تُعنى بتكوين مختصّين أو حرفيّين في هذا المجال الفنّي، فلا توجد مدارس أو معاهد أو جامعات تهتمّ ببعث مسالك دراسيّة لتعليم الناشئة أو الخرّيجين هذا الفنّ، والمادّة المخصّصة لدراسة الكاريكاتور في الجامعات التونسيّة تكاد تكون غائبة أو ذات حضور باهت. لذلك ما زال هذا القطاع مهمّشا وما زال عدد الرسّامين في هذا المجال ضئيلا ويكاد يكون الكاريكاتور في الصّحافة التونسيّة عجلة خامسة تُستحضر حينا، وتُغيّب أحيانا.
- يلاحظ زائر المعرض أنّ أغلب الصّور الكاريكاتوريّة التي أبدعتها تجمع بين الرّسم السّاخر والتعليق الهادف. فهل ترى أنّ الرّسم لوحده غير كاف للتّعبير عمّا يدور بداخلك؟
- في نظري أنّ الرّسم الكاريكاتوري معبّر وناطق برسالة ما، لا محالة، لكنّ رَفْدَ الرّسم بالتّعبير اللّغوي أو التّعليق خيار الغاية منه تفعيل عمليّة التواصل مع المتلقّي، وتيسير الفهم عليه وتكثيف مجال البوح في الصّورة وإغراء المتقبّل بالتفاعل معها. لذلك تجد بعض الرّسوم ناطقة بنفسها فلا تحتاج إلى أن تُذيَّل بتعبير لغوي، في حين أُرفق بعض الرّسوم بتعاليق حتّى يكون لكلّ مشاهد نصيب من الصّورة، فمعلوم أنّ درجات الفهم متفاوتة وجمهور هذا الفنّ متنوّع، كما أنّ فنّ الكاريكاتور فيتونس يُعتبر فنّا حادثا لا يلقى المتابعة اليوميّة، ولا يُحظى بمعارض باستمرار فلا تكاد تتحدّث عن ثقافة كاريكاتوريّة عند النّاس، لذلك من المهمّ بمكان توسيع مجال انتشار هذا الفنّ وتشجيع الجمهور على التفاعل معه، فلا بأس من تخصيص مهرجان وطني أو دولي سنوي يجمع المبدعين في مجال الكاريكاتور داخل تونسوخارجها، ممّا يساهم في تنشيط الحياة الثقافيّة وإشعاع البلاد عربيّا وعالميّا لأنّ أرض الخضراء ما زالت تزخر بالمبدعين، والكثير منهم مغمور بسبب التهميش أو التعتيم، أو بسبب ذلك جميعا.
- كيف ترى مستقبل الفنّ الكاريكاتوري في تونس؟
- أرى أنّ هذه الثورة قد حرّرت ريشة الفنّان ومواهب الإنسان وفتحت الأبواب لغد جديد للمبدع فيه مكان، لقد حرّرتنا الثورة وعلّمتنا الكثير، وحفّزتنا لأن نبدع ونرسم ونعبّر عمّا يعتمل بدواخلنا، فنحن نعيش اليوم ربيع الحرّية وهو ربيع نتمنّى أن يتواصل وإلى الأبد... فوداعا لزمن القمع وزمن الرّقيب، وأملي أن يتمّ الاهتمام بهذا القطاع بإحداث مؤسّسات وجمعيّات تُعنى بهذا الفنّ وبالمشتغلين فيه، وآمل أن يتمّ تنظيم تظاهرات ثقافيّة تعرّف بالكاريكاتور وتجعله فنّا قريبا من النّاس، متفاعلا معهم في الآن والهنا... عاشت تونس عاصمة للإبداع وقِبْلَة للثقافة ومنبعا للثورة.
 



30/09/2012
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 2 autres membres